لعل الأفكار تحب الحرية فتتحول إلى كلمات

Posts tagged “ثورة الشباب

شهر ونصف من الدماء السورية…وتستمر الأرقام


أول قطرة دم سورية:
أكثر من 560 قتيل بطريقة دموية (قنص بالرأس، ضرب مبرح، تصفية جرحى، تمثيل بالجثث)، 2000 جريح، مئات المعتقلين، بداية الدماء إن لم تخني الذاكرة كما خانَ البعضُ شعوبَهم بالقتل كانت 18 آذار، عندما قُتِل 4 متظاهرين في إطلاق نار على احتجاج للمطالبة بإطلاق سراح 15 طفل اعتقلتهم قوات الأمن لكتابتهم عبارة “الشعب يريد إسقاط النظام” على جدار مدرسة حكومية، تعيشُ الآن يومها الـ 45 من حالة رعب دموية تلف سورية سلطةً وشعباً ولا أبالغ إن قُلت وأعداءً.

يُنكر البعضُ هذه الأرقام لأن الجريدة الرسمية لم تذكرها –الجريدة التي نخبئ منها الصفحة الأولى حتى لا يظن أحد كتاب التقارير أننا نهين إرادة الشعب ونحن نمسح الزجاج بالصفحات الأخرى – ، أو لأن هذه المعلومات وردت على لسان منظماتٍ لم نعهد منها إلا الخذلان لقضايانا، ولسان معارضين لا يمثلوننا، وتسجيلات لمواطنين لا وجود لهم على الأرض كما تقول الإخبارية السورية، فكيف لمواطن سوري أو حتى معارض شريف أن يقول أنه يريد إسقاط وتغيير النظام الذي يعارضه؟! لكن لن ينكر أحد اعتقال الأطفال لأن ممثلي الحكومة ظهروا بالصوت والصورة يتعهدون بإطلاق سراحهم بعد سقوط أول الشهداء ونشرت وكالة الأنباء الرسمية خبر إقالة محافظ درعا وأحد مدراء أمنها على خلفية الأحداث الأخيرة ثم تطورت الأحداث.

لعله يشفع لهذه الأرقام والمعلومات ويقنعك أني أعرف أصدقاء بعض هذه الأرقام وأقرباءهم، فهي أرقامٌ لأرواحِ شباب بلدي وليسوا أرواحاً من بلد آخر، قد يخالفني البعض الرأي أن بداية الدم لم تكن بمقتل الـ 4 محتجين بل كانت هي الدماء التي سالت من أظافر الأطفال عند اقتلاعها في مقر الأمن الذي هاجمته عصابة إجرامية مسلحة في درعا كما ذكرت وكالة الأنباء السورية وقتلت 8 رجال أمن، أو أهالي غاضبون مسلحون على خلفية ارتفاع عدد القتلى من 4 إلى 400 كما قال البعض، وكان ذلك بداية مرحلة جديدة أصبح فيها القتلى إلى جانب المدنيين من قوات الأمن فانتشر الجيش بسرعة في محاولة لإعادة درعا إلى ما قبل 45 يوم، وتشير التطورات إلى أن هذه المرحلة في طريقها إلى مدن أخرى لعل أقربها حمص أو بانياس.

المخططات الدموية:

أكبر الأدلة على المخطط الدموي ضد سورية ، صفحة فيسبوك عدد مشتركيها اليوم 165 ألف، تطلق اسم إعلامي على يوم الجمعة، بالإضافة لصياغة الأخبار بطريقة تحريضية، وتعليمات عن كيفية إرهاق أجهزة النظام حتى تبدأ بالتفكك والسقوط، يَقولُ النظام ومؤيدوه أن وراءها الماسونية العالمية متمثلة بالصهيونية وأمريكا التي تحرك الإخوان المسلمين وبندر بن سلطان والسلفيين وتحالف 14 آذار في لبنان ويحركون بدورهم الشارع السوري، ويرى البعض أن الجهة التي حرضت الشرطية التونسية على صفع البوعزيزي وحرضت الشرطيين المصريين على قتل خالد سعيد بالضرب المبرح هي نفسها دفعت ثلاثة من شرطة المرور لضرب مواطن سوري في منطقة الحريقة حيث كانت بداية المخطط بالصدفة بهتاف “الشعب السوري ما بينذل”. لا ننسى بالطبع اعترافات بعض المعتقلين على أيدي أجهزة الأمن والجيش والتي عرضها التلفزيون السوري وقناة الدنيا كدليل على صحة هذا المخطط.

الاحتجاج في البحرين تقوده معارضة على الأرض لها أهداف سياسية وكذلك في اليمن و مثلهم ثوار ليبيا المسلحون، وفي تونس مؤسسات متينة لم يدنسها سوى بن علي وعائلته وجهازه الأمني الذين فككهم شباب تونس وفي مصر كذلك مع إضافة بعض رجال الأعمال المنتفعين. أما الشباب السوري فيَحتَجُ ويُقتَلُ بعفويةٍ على أرضٍ لا تعرف معنى كلمة معارضة ولا حتى في المسلسلات إلا حديثاً جداً وعلى شكل كوميديا سوداء وبسقف محدد، والمؤسسات السورية تخضع منذ عقود لعملية تطوير وتحديث ومكافحة فساد لولبية إهليليجية وكل لجنة تلعن أختها، هذا ما يميز الحالة السورية عن غيرها، انعدام المعارضة والمؤسسات، والمطلب الوحيد لمن يحتج هو الحرية، الحرية التي يصرُّ أنصار نظام الحزب الواحد القائد للدولة والمجتمع أنها كانت موجودة وشوهها المخربون بحرق الممتلكات العامة كمقرات حزب البعث والأمن التي وجدت لكل مواطن شريف مهما كبر شأنه أو صغر، وتخريب بعض الممتلكات الخاصة التي يتراشق تهمتها المحتجون والمؤيدون بحسب الحادثة والمنطقة والمخطط.

بدأ المخطط خارجاً عن كل توقعات المحللين المعارضين والأعداء والموالين، بالرغم من أن بعض الأذكياء يزعم وجود تسريبات استخباراتية صهيوأمريكوسعودية بتفاصيله وبالأسماء والأرقام نقلا عن فيلتمان وبندر بن سلطان لإراقة الدماء السورية إلا أن الاطلاع على هذا المخطط لم يُفلح بمنع حدوثه للأسف، وتطورت الأحداث إلى سيناريوهات لم تكن متوقعة، والنهاية ستكون كذلك أيضاً، خارجة عن كل كيف ومتى كتبها المحللون.

المخطط السلطاني أوغل في دماء الشباب السوري بالقتل والتنكيل الذي سيرتفع من 500 إلى أكثر من 5000 (كما ذكر المخطط في كل مدينة) وسيستمر حتى يتم إعادة سورية إلى ما قبل 45 يوم كما يقول المؤيدون، أو لما قبل حكم البعث كما يقول المعارضون، أو للعصر الحجري كما يقول المتشائمون، أو لقيادة درب التبانة كما يقول المتفائلون.

المؤيد للنظام لا يمانع بهذا العدد من القتلى فالتلفزيون الرسمي قال أن هؤلاء إما سلفيون إرهابيون تكفيريون مسلحون مندسون يمثلون بالجثث ويريدون إسقاط النظام أو شهداء سقطوا في الدفاع عن أمن الوطن والمواطن، وحاله ولسانه يقول: يا بشار لا تهتم نحنا رجال بتشرب دم، الله سورية بشار وبس، بالروح بالدم نفديك يا بشار، يسقط عملاء أمريكا وإسرائيل، وهو يرى كل الأدلة على وجود مخطط لإسقاط نظام الممانعة وتخريب سورية.

والمعارض للنظام لا مانع لديه ليقدِّم 5000 ثمناً للحرية ووفاءً لـ 500 قتيل على يد النظام، فنهاية مرعبة أفضل من رعب دائم وحاله ولسانه يقول : على الجنة رايحين شهداء بالملايين، الله سورية حرية وبس، بالروح بالدم نفديك يا شهيد، لا أمريكا ولا إيران حلو عنا وعن لبنان. وهو يرى كل الأدلة على تذرع النظام بالممانعة ليبقى يحكم الشعب السوري الذي لا يُذَل وتاريخه أقدم من أي نظام.

السؤال الدموي:
باختصار دموي شديد هل تريد الأمان أم تغيير النظام؟ و بعد إضافة التوابل الرسمية هل تريد الأمان أم الخيانة؟، نصيحتي لك أن لا تستغرب إذا سمعت من يرفض الأمان ويفضل الخيانة، فهو لديه توابله الخاصة أيضاً، فالأمان عنده لا يعني الهدوء بل يعني كرامة فقدها ويفقدها بموت قريب أو صديق أو اعتقال، ولن يسترجعها حتى يعترف المجرم بجريمته ويحاسب نفسه، كما يتم الفصل لديه بين النظام والأرض والشعب فلا يجد حرجاً بخيانة النظام الذي لا يمثل لديه أكثر من خائن يقتل شعبه ويسرق أرضه.

اليوم بعد 45 يوم من الرعب والدم، اعتقل وقتل وجرح المئات في أنحاء سورية، ودرعا محاصرة ليعود الأمان وتعود الحرية، وكل فئات الشعب في حمص وريف دمشق واللاذقية وبانياس وحلب والحسكة والقامشلي وكل المحافظات حتى لو لم يحدث فيها أي احتجاج تطالب كتمهيد عبر التلفزيون الرسمي وتلفزيون الدنيا بتدخل الجيش ليقطع وسائل الاتصال ويضرب حصاراً عليهم حتى يتم تطهيرهم من المندسين والمخربين والخونة ليعود أمن الوطن، وكل الخوف من خطة السلطان التي تقول أنه سيقوم بحرق السجون ومزيد من عمليات القتل والتنكيل، الجواب : ستستمر الدماء السوريّة بالنزيف إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولا.

محمد شكو


تحليل نظرية المؤامرة اليوم وقبل الميلاد


تعريف نظرية المؤامرة:

نظرية المؤامرة فلكلور وثقافة سائدة في المجتمع، غموضٌ حول قضيةٍ ما، لا يستطيع الفرد الهروب من تبني رأيٍ فيها، بالرغم من غياب أو تغييب المعلومات المحيطة بها، فيلجأ لتبني نظرية المؤامرة عن طريق الانسياق أو التلقين، وقلة تتبناها كاعتقاد مبني على تفكير عميق.

الجميع يتحرك بناءاً على مصلحته المادية العاجلة أو الآجلة والبعض يتحالف بشكل علني أو سري لتحقيق هذه المصلحة، ولعل التحالف السري لتحقيق المصلحة المادية العاجلة هو أبسط تعريف للمؤامرة، نظرية المؤامرة ذات بعد كلي وجزئي، لها مستويات متعددة، الجامع بين كل هذه المستويات أو الأنواع هو عدم وجود أدلة علمية أو صريحة مادية والاعتماد التام على تفسير لأقوال وأفعال لأشخاص و جهات تُعتبر متآمرة على الشخص أو الجهة المتآمر عليها.

أنواعها:

أعلى المستويات للنظرة الكلية للمؤامرة هو الإيمان بوجود قوى خفية تتحكم في كل العالم ويمثلها بوجه من الوجوه الإيمان بالماسونية واتصال الكائنات الفضائية بجهات أرضية ، تتدرج المستويات الكلية نزولاً إلى الإيمان بتحالف عالمي أو إقليمي أو عرقي ضد دولة أو ديانة أو قومية أو فكر، أما المستوى الجزئي لنظرية المؤامرة أو الفردي، قد يأخذ منحنيات مرضية كجنون الارتياب وقد يكون طبيعياً عفوياً كإيمان إحدى القريبات من العائلة بوجود عمل سحر من إحداهن لتفريقها عن زوجها ولو تم نفي ذلك من كبار شيوخ فك السحر،

أسبابها:

التفكير التسلسلي والتراكمي التجميعي رياضياً يؤدي إلى حقائق علمية، لكن التفكير التسلسلي والتراكمي التجميعي الإنساني والاجتماعي إذا لم يكن محكوماً بقواعد استنباط واستنتاج علمية قد يؤدي إلى منزلقات خطيرة ،لعل أولها نظرية المؤامرة بنوعها المَرَضي وآخرها الحركات التكفيرية التي تسلسل تكفيرها من أعلى الهرم إلى أدناه فاستباحت الدماء والأعراض وما أحداث الجزائر عنا ببعيد ،وهنا أتكلم عن التكفير كشذوذ في الفكر الإنساني وليس الحكم شرعي بالرغم من اعتماده على نصوص شرعية وذلك لأن إسقاط النصوص الشرعية على الواقع يقوم على علوم إنسانية كالسياسة والاجتماع و اجتهاد شخصي قد يكون مخطئاً وقد يكون مَرَضياً ويؤدي إلى ظهور مذاهب وأفكار شاذة ومتطرفة. والجامع بين هذا الشذوذ الديني ونظرية المؤامرة هو التفكير المتسلسل والمتراكم بتجميع روايات وإسقاطات وتفسيرات فردية ، يؤدي هذه التراكم والتجميع إلى تشكل قناعة راسخة تتحول بتسلسل الأحداث من فكر السياسي أو رأي فكري إلى يقين غير قابل للنقاش أشبه بالعقيدة الدينية.

أمثلتها:

أحداث 11 أيلول في أمريكا تم ربطها بالمؤامرة ومن أحد دعائم النظرية مقابلة في النهار اللبنانية مع السيد حسين فضل الله تحدث فيها عن تغيب جميع اليهود عن مركز التجارة العالمي ساعة الحادثة بدون أي دليل سوا مقولة ذكرت بعض وسائل الإعلام الأمريكية، وانتشرت هذه الإشاعة لتصبح حقيقة ودعامة للنظرية،

اليوم زلزال اليابان يظن البعض أنه بتدخل أمريكي وتعود الفكرة إلى تصريح للرئيس الفنزويلي تشافيز عن زلزال هايتي بأنه بتدبير أمريكي بناءً على تقرير سري للأسطول الروسي عن تطوير سلاح زلزالي أمريكي، فكان لكلام تشافيز الأذن الصاغية لصناع نظرية المؤامرة ولم يسمع أحد نفي الأسطول الروسي لصحة ذلك التقرير ووصفه تصريح تشافيز بالخيال العلمي.

أين تكثر نظرية المؤامرة؟

نظرية المؤامرة هي الحاكمة تقريبا لإعلام وسياسة وأحزاب دول العالم الثالث والثاني وقلما نسمع كلمة مؤامرة في إعلام وسياسة العالم الأول إلا بأدلة وفضائح من نمط ويكيليكس (المتَّهم بالمؤامرة) وأنصاره أو على الأقل مسائلة من برلمانيين وأعضاء مجلس شيوخ للتحقيق في مزاعم فيتم تشكيل لجان مدنية أو عسكرية مستقلة عن المؤسسة محل القضية لحلها، ليظهر بالوثائق فضائح عن اتفاقات سرية بين شركات ومسؤولين لتتحول من أسرار يتبجح بمعرفتها قلة من النخب الثقافية إلى حقائق وقضايا رأي عام يبدأ بالضغط لمحاسبة الجهات المسؤولة. فنظرية المؤامرة صحيحة إذا ما تم إثباتها بأدلة مادية لا تحتمل التأويل كما يتم في العلوم الجنائية وكما يتم في دول العالم الأول مع التحفظ على هذا التقسيم لدول العالم.

ولعل سبب كثرتها في دول العالم الثالث والثاني هو انشغال المثقفين بقضايا تجاوزها العالم الأول، كمحرك الثورات الشعبية (الحرية، الكرامة، الخبز)، والاحتلال ،والخروج من حلقة الفقر والجهل المفرغة، فتبقى الساحة فارغة لكل من أحب ودَب (بفتح الدال) ليخترع نظرية مؤامرة.

تطور النظرية في بعض البلدان:

وكما يجمع بين نظرية المؤامرة والتكفير طريقة الاستدلال والاستنباط يجمع بينهما ما يميز دول العالم الثالث والثاني وهو تهمة التخوين أي الخروج عن الجماعة التي تحتكر الحق وتتميز نظرية المؤامرة بفكرة الارتباط بالمتآمرين عضويا ومادياً بينما يقتصر التكفير على الارتباط الفكري والوجداني بالكافرين.

ففي الدول الدينية حيث يحكم رجال الدين أو الدول شبه الدينية حيث يحكم رجال السياسة بمباركة رجال الدين، يبرز نوع هجين من نظرية المؤامرة التكفيرية التي لا تكتفي بالعداء المادي والفكري للشخص محل الاتهام بالارتباط بالجهات المتآمرة حتى لو لم تثبت التهمة، بل يتعداه لعداء وجداني وكره ديني ليتحول الفكر السياسي إلى تجمع طائفي يرفض الرأي الآخر ويخونه ويعتبره مرتبط عضوياً مع العدو، دمه وماله وعرضه حلال، وما هذه الأحكام إلا نظرية قوامها الكلام والإعلام، تظلم الضعيف بدون رحمة وتقاوم التغير والإصلاح بالشك والارتياب كما قالت ثمود “يَا صَالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا أَتَنْهَانَا أَنْ نَعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ” سورة هود.


مقال مثير للشهوة


جيل يثير الشهوة، وانتشار الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي جعله تهديد حقيقي لطهر وعفاف العقول والأفكار ،عن طريق الصوت والصورة والكتابة لإثارة الشهوة.

تونس ومصر كمثال حي وحديث امتلكتا أجهزة أمنية تتحرك بدافع الشهوة لا بدافع الشبهة ،فلم يعد العقل والعدل هو الحكم في الاعتقال أو الاستدعاء ،بل أصبح الحس الأمني الذي قد يكون مرضياً كافياً لإثارة شهوة الأجهزة الأمنية الحساسة لأي شاب يشتهي الحرية ،

قد تستعر شهوة هذه الأجهزة كما في ليبيا لتتحول من شهوة الاعتقال والتعذيب إلى شهوة القتل بشكل اضطراب نفسي شاذ قد لا يختلف عن الشذوذ الجنسي إلا بمحل تطبيقه ،فالأول يطبق على شعب والثاني يطبق على إنسان فرد أو حيوان بهيمة ،أما الدوافع واحدة وهي المتعة واللذة ، والمحللون النفسيون على شاشات التلفزيون يثبتون أن شخصاً كالقذافي وأمثاله وأعوانه هم مرضى نفسيون.

النظام الليبي متمثلاً برجاله يجب أن تتم محاسبته ،فشذوذهم لا يعفيهم بل يفتح الباب أمام ضرورة محاسبة الشاذين جنسياً وعدم التذرع بمرضهم النفسي ، ولنعود إلى الأنظمة الأمنية الشهوانية التي لم يعد العقل والعدل حاكماً لها بل الشهوة والظلم  لتصبح في بعض الحالات ممثلة للشيطان الرجيم الطرف العدو عند الأفكار الدينية وممثلة للإنسان الشرير الطرف العدو عند الأفكار اللادينية.

يقول العلامة ابن القيم فإن للشيطان مداخل على الإنسان فإذا عجز أن يضله بالشهوات التي يتم التحصن منها بالعبادات دخل إليه عن طريق الشبهات التي لا يسلم منها إلا كبار العلماء، فالشهوة محلها الغريزة والشبهة محلها العقل ،فهي الشهوات والشبهات التي أهلكت بني البشر باتفاق جميع العلماء والفلاسفة الذين يؤمنون بأزلية الحق ووحدانيته كالغزالي وابن الجوزي وابن سينا وغيرهم كثير ممن حركوا شهوات الأجهزة الأمنية على مر العصور ،

ابن القيم نفسه كان معتقلاً لعدة سنوات عند جهاز أمن الدولة المملوكية.

اليوم بين أجهزة تحركها الشهوات وأجهزة أخرى تحركها الشبهات ضاعت الحقوق وارتكبت المجازر في حق الإنسان لتزرع في القلوب الخوف من الظلم والظالمين،

خوف الإنسان من الأجهزة الأمنية يتجاوز بمراحل خوفه من الجرائم التقليدية في الكثير من الدول ومشاهد القتل العلن في تونس ومصر لم تجف دموع ذكراها كما لم يحاكم مرتكبوها بعد.

الدين إلى جانب خطاب العقل خاطب الشهوة عن طريق الوعيد بالعقاب والوعد بالشهوات ،وحتى المذاهب الفلسفية اللادينية استخدمت شهوة المجد والحرية ولذة المعرفة للتغلب على شهوة حب الحياة الفانية التي يعتبرها الدين رأس كل خطيئة.

الدين واللادين اتفقا على أن شهوة الحرية هي الألذ ليتبِعها المتدينون بعبودية الله الخالق وغيرهم بعبودية العقل الأكمل ، والمراهنة هي أيهما أقوى ،الخوف أم شهوة الحرية؟ فيما يبدو مؤامرة خبيثة على طهر وعفة الأنظمة وأنصارها الذين لا يريدون سوى عودة نظام العبيد العادل بشكل عالمي متحضر ،ولعل سخونة أخبار منطقتنا تجعلنا نغفل الاحتجاجات الشعبية التي تجتاح حكومات العالم في بنغلادش وإيطاليا واليونان وأكثر الدول إجراماً الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها كثير.

فأمريكا أو الشيطان الأكبر كما يسميها النظام الإيراني الذي شهد احتجاجات شعبية أيضا ،ظهر فيها حركات شعبية تحاول كشف وتعرية هذا النظام الأمريكي المدعي لتشجيع الحرية والديمقراطية كحركة الجنود الذين يرفضون الانضمام للجيش وتنفيذ أوامر في مهمات قتالية وحركة لأهالي الجنود القتلى بأفغانستان والعراق وتطالب بانسحاب القوات الأمريكية ،وحركات لأنصار موقع ويكيليكس الذي انتهك أعراض الأجهزة العسكرية والأمنية والشركات والبنوك الأمريكية بنشره لفضائحها بشكل يحرك شهوة الشعوب للحرية وشهوة الإعلام لنشوة الحصول على أكبر عدد من القراء والمشاهدين .

يجب أن تتنبه الأنظمة البريئة وأجهزتها الأمنية الشهوانية إلى هذه المؤامرة الشعبية الخطيرة التي يبدو أنها ستغير العالم ،ويقودها شباب يشتهي الحرية وينتهك كافة المحرمات في سبيل ذلك.